قام باحثون من جامعة كاليفورنيا وجامعة كونيتيكت بتصميم نظام جديد لتخزين الطاقة الصديقة للبيئة يسمى المكثف الخارق البيولوجي ويعمل باستخدام جسيمات مشحونة أو أيونات من السوائل في جسم الإنسان. الجهاز غير مؤذي للنظم البيولوجية للجسم، ويمكن أن يؤدي إلى جعل أجهزة تنظيم ضربات القلب وغيرها من الأجهزة الطبية القابلة للزرع تستمر مدى الحياة.
وقد ترأس فريق جامعة كاليفورنيا ريتشارد كانر، بينما كان الباحثون في كونيتيكت بقيادة جيمس روسلينغ. ونشرت ورقة عن التصميم بتاريخ 9 ايار 2017 في مجلة المواد المتقدمة للطاقة.
من المعلوم ان أجهزة تنظيم ضربات القلب (التي تساعد على تنظيم إيقاعات القلب غير الطبيعية) وغيرها من الأجهزة القابلة للزرع قد أنقذت حياة اعداد لا تعد ولا تحصى من البشر. ولكن هذه الاجهزة مزودة بالبطاريات التقليدية التي ينفد شحنها في نهاية المطاف ويجب استبدالها، وهذا يعني عملية جراحية مؤلمة اخرى قد يصاحبها خطر العدوى. وبالإضافة إلى ذلك، تحتوي هذه البطاريات على مواد سامة يمكن أن تعرّض المريض للخطر إذا ما تسربت.
ولذلك اقترح الباحثون تخزين الطاقة في تلك الأجهزة بدون بطارية. و جاء المكثف الخارق الذي تم اختراعه ليعمل بإستخدام المحاليل الموصلة(electrolytes) من السوائل البيولوجية مثل مصل الدم والبول، وسيعمل المكثف مع جهاز آخر يسمى حصادة الطاقة (energy harvester)، الذي يحول الحرارة والحركة من جسم الإنسان إلى كهرباء (بنفس الطريقة التي تعمل بها الساعات ذاتية الشحن عن طريق حركة جسم الشخص الذي يرتديها) ثم يتم التقاط الكهرباء بواسطة المكثف الخارق.
وقال ماهر القاضي، وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراة في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف مشارك في الدراسة: “إن الجمع بين حصادات الطاقة والمكثفات الفائقة يمكن أن يوفر طاقة لا نهائية ومدى الحياة لهذه الاجهزة القابلة للزرع وقد لا نحتاج أبدا إلى استبدالها”.
وعادة ما يكون سمك أجهزة تنظيم ضربات القلب الحديثة حوالي 6 إلى 8 مليمترا، ولها قطر تقريبا كعملة 50 سنت؛ وعادة ما تشغل البطارية حوالي نصف تلك المساحة. اما المكثفات الجديدة فيبلغ سمكها 1 ميكرومتر (أصغر بكثير من سمك شعرة الإنسان) وهذا يعني امكانية أن تحسن من كفاءة طاقة الأجهزة المزروعة، كما أنها يمكن أن تحافظ على أدائها لفترة طويلة، مع قابلية الانحناء واللي (الالتواء) داخل الجسم دون أي ضرر ميكانيكي، وتقوم بتخزين طاقة شحن اكثر من بطاريات ليثيوم ذات حجم مماثل(تستخدم حاليا في أجهزة تنظيم ضربات القلب) .
يقول إسلام موسى، وهو طالب دراسات عليا في كونيتيكت، والمؤلف الرئيسي في هذه الدراسة “على عكس البطاريات التي تستخدم تفاعلات كيميائية تنطوي على مواد كيميائية سامة ومحاليل كهربائية لتخزين الطاقة، فإن هذه الفئة الجديدة من المكثفات الحيوية تخزن الطاقة عن طريق استخدام أيونات متوفرة بسهولة أو جزيئات مشحونة من مصل الدم” .
ويشتمل هذا المكثف الحيوي الجديد على مادة نانوية كاربونية هي طبقات الجرافين مع بروتينات بشرية معدلة كقطب كهربائي، يعمل كموصل ويمكن من خلاله دخول او خروج الكهرباء من والى حصادة الطاقة. وقال كانر، وهو أيضا عضو في معهد كاليفورنيا للأنظمة النانوية أن الفكرة الجديدة يمكن أن تستخدم في نهاية المطاف أيضا لتطوير أجهزة الجيل القادم القابلة للزرع لتسريع نمو العظام، وتعزيز الشفاء أو تحفيز الدماغ.
وعلى الرغم من أن المكثفات الفائقة لم تستخدم بعد على نطاق واسع في الأجهزة الطبية، إلا أن الدراسة تبين أنها قد تكون قابلة للتطبيق لهذا الغرض.
وقال ماهر القاضي: “لكي تكون أجهزة تنظيم ضربات القلب خالية من البطاريات، يجب أن يكون لها مكثفات فائقة يمكنها التقاط الطاقة وتخزينها ونقلها، لذلك “ركزت أبحاثنا على تصميم رائع لمكثفات جديد لالتقاط الطاقة بشكل فعال، وإيجاد وسيلة لجعلها متوافقة مع جسم الإنسان.”
Comments